عن ثوبان رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم ( بخ بخ لخمس ما أثقلهن في الميزان : لا إله إلا الله , وسبحان الله , والحمد لله ,والله أكبر ،والولد الصالح يتوفى للمرء المسلم فيحتسبه )
[1] لا ريب أن القلب يصدأ كما يصدأ النحاس والفضة وغيرهما , وجلاؤه بالذكر فإنه يجلوه حتى يدعه كالمرآة البيضاء ، فإذا ترك صدئ , فإذا ذكر جلاه , وصدا القلب بأمرين : بالغفلة والذنب . وجلاؤه بشيئين : بالاستغفار والذكر . فمن كانت الغفلة أغلب أوقاته كان الصدأ متراكبا على قلبه . وصدأه بحسب غفلته , وإذا صدئ القلب لم تنطبع فيه صور المعلومات على ما هي عليه , فيرى الباطل في صورة الحق , والحق في صورة الباطل . لأنه لما تراكم عليه الصدأ أظلم فلم تظهر فيه صورة الحقائق كما هي عليه , فإذا تراكم عليه الصدأ واسود وركبه الران فسد تصوره وإدراكه فلا يقبل حقا ولا ينكر باطلا وهذا أعظم عقوبات القلب
[2] أما هذه الأذكار التي وردت في هذا الحديث الجليل فلها منزلة خاصة وقدر عظيم عند الله تعالى . فهي الباقيات الصالحات التي ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم قال عز وجل {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} (46) سورة الكهف . قال القرطبي في تفسير الباقيات الصالحات : قال الجمهور هي الكلمات المأثور فضلها سبحان الله , والحمد لله , ولا إله إلا الله , والله أكبر , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
[3] وقال صلى الله عليه وسلم (استكثروا من الباقيات الصالحات قيل وما هن يا رسول الله قال التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل ولا حول ولا قوة إلا بالله )
[4] وقال صلى الله عليه وسلم (خذوا جُنتكم من النار قولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنهن مقدمات ومنجيات وهن الباقيات الصالحات )
[5] وعن الحارث مولى عثمان قال كان عثمان رضي الله عنه جالسا ونحن معه إذ جاءه المؤذن فدعا بماء فذكر الحديث في فضل الوضوء والصلوات الخمس قال وهن الحسنات يذهبن السيئات قالوا يا عثمان هذه الحسنات فما الباقيات الصالحات ؟ قال : لا إله إلا الله وسبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله )
[6] وهذه الأذكار غراس الجنة فقد روي الترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لقيت ليلة أسري إبراهيم الخليل عليه السلام فقال يا محمد أقرئ أمتك السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله اكبر ) وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله اكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ) , وعن طلحة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم ( ليس أحد أفضل عند الله من مؤمن يعمر في الإسلام لتكبيره وتحميده وتسبيحه وتهليله )
[7] وروى مسلم عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم ( أحب الكلام إلى الله تعالى أربع : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر , ولا يضرك بأيهن بدأت ) وأخيرا تزكية النبي صلى الله عليه وسلم لهن بقوله ( بخ بخ ) وهي كلمة تقال للمدح والرضا وتكرر للمبالغة ..